القرآن الكريم والحديث النبويّ الشريف هما أعظم الكلام وأشرفه، وبهما نٌقلت إلى البشرية جميعها رسالة الله سبحانه وتعالى التي يهدي بها البشر لعبادته حسن العبادة وطاعته، وقد عكف الكثير من العلماء على دراسة هذين العلمين (علوم القرآن الكريم) و(علوم الحديث الشريف)، إلّا أنّ قلّة قليلة منهم من كان لها الأثر البالغ والأجر الوفير في تزويدنا وتعليمنا أهمّ علوم حياتنا. ومن أهمّ هؤلاء العلماء الذين سنفيض الحديث عنهم (الشيخ الألباني)، فمن هو هذا الشيخ؟ وما هي أهمّ إنجازاته التي سجّلها التاريخ؟
الشيخ الألباني
الشيخ محمّد ناصر الدّين الألبانيّ أو (أبو عبد الرحمن محمّد بن الحاجّ، نوج بن نجاتيّ بن آدم الأشقوريّ الألبانيّ الأرنؤوطيّ)، هو شيخ وعالم من علماء الحديث النبويّ الشريف، ولد في عام 1914م (1333 هـ) في مدينة أشقوردة عاصمة ألبانيا سابقاً، وقد كان والده أحد علماء المذهب الحنفيّ في إسطنبول، والذي عاد لبلاده ألبانيا ومنها هاجر إلى بلاد الشام سوريا، ليدرس هناك الشيخ الألباني في مدرسة (الإسعاف) في مدينة دمشٌق، وقد تتلمذ على يد الشيخ (سعيد البرهانيّ)، وممّا يجدر ذكره أنّ هجرته لبلاد الشام كانت سبباً أساساً في معرفته الضليعة باللغة العربيّة وتعلّمه لعلوم الشريعة من مصادرها الأصليّة.
يعتبر الشيخ الألبانيّ من أشهر علماء الحديث في العصر المعاصر، وله العديد من المصنّفات والكتب في هذا المجال، ومن أهمّ إنجازاته كتاب (صحيح الجامع)، و(الضعيف الجامع)، و(صفة صلاة النبيّ)، وله في ذلك أكثر من ثلاثمائة مؤّلف وكتاب، سواء في التأليف، أو التخريج، أو التحقيق، أو التعليق، وقد زار دولاً عدّة وألقى محاضرات لا تحصى، فقد زار المملكة العربيّة السعوديّة، وقطر، ومصر، والإمارات العربيّة، والكويت، ولبنان، وكذلك وصل صيته إلى الدول الأجنبيّة كألمانيا، وبريطانيا، وإسبانيا، وأستراليا، وغيرها من الدول. وفي آخر سنين حياته انتقل من دمشق للعيش في الأردن، وقد توّفي فيها في عام 1999م في اليوم الثاني من شهر تشرين الأوّل في عمّان (ماركا الجنوبيّة)، وقد مٌنح هذا العالم جائزة (الملك فيصل العالميّة) للدراسات الإسلاميّة في العام الذي توّفي فيه تكريماً له ولجهوده الجبّارة في موضوع الحديث النبويّ الشريف.
ومن أهمّ مؤلفاته التي كانت ولا زالت لها أثر كبير في علوم الحديث النبويّ الشريف، كتاب (سلسلة الأحاديث الصحيحة)، وكتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة)، و(صحيح الأدب المفرد)، و(صحيح وضعيف الترغيب والترهيب)، و(فتنة التكفير)، و(فقه الواقع)، و(تبويب وترتيب أحاديث الجامع الصغير وزيادته على أبواب الفقه)، و(نصب المجانيق)، وغيرها الكثير الكثير من المؤلّفات، والكتب، والمحاضرات.
وممّا يجدر ذكره أنّ الألباني كان قد ذكر في وصيته أربع وصايا، الأولى يوصي بها زوجته وأهله وأصدقاءه أن لا يبكوا عليه ولا ينوحوا وأن يدعوا له بالرحمة والمغفرة، وثانيها أن يُدفن في نفس يوم وفاته على عجل وأن يتولّى (عزّت خضر) تغسيله وتكفينه، كما وأوصى أيضاً بأن يكون مكان دفنه أقرب مكان يمكن دفنه فيه في أسرع وقت، وفي مقبرة قديمة لا يمكن نبش القبور فيها، وقد أوصى بأن لا يشيع خبر وفاته إلى الخارج لأولاده حتّى لا يتصرفوا بعواطفهم ويتأخّر تشييعه، وأمّا وصيته الرابعة والأخيرة فقد كانت تقتضي بوضع ووقف كل كتبه في مكتبته الخاصة في مكتبة الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة بالسعودية.
المقالات المتعلقة بمتى توفى الشيخ الألباني